مايو 17, 2024

“تل بسطة” نقطة على مسار رحلة العائلة المقدسة إلى مصر

تل بسطة: رانيا موسى، كايروبوست

احتفلت مصر، والعالم المسيحي مؤخراً بعيد دخول السيد المسيح بصحبة أمه السيدة مريم العذراء والقديس يوسف النجار، هربا من بيت لحم بفلسطين فيما يعرف بـ”رحلة العائلة المقدسة” إلي مصر. وجري الاحتفال في يوم 24 بشنس بالتقويم المصري القديم والذي وافق هذا العام الأول من يونيو.

وبهذه المناسبة زارت محررة “كايروبوست” واحدة من المناطق الأثرية المهمة، والتي شهدت جانباً من رحلة العائلة المقدسة لمصر.

ومنذ ولادة السيد المسيح شعرت أمه بالخوف عليه ولجأت للقديس يوسف النجار الذي حماها حيث اضطرت للاختباء عن الاعين خاصة عندما جاء ملك المجوس للبحث عن ملك قادم طفل صغير حديث الولادة وسال ملك فلسطين عنه وجاءت الإجابة بالنفي.

وعندما علم القديس يوسف النجار بذلك وشعر بالخطر علي الطفل جاءته رؤيا، في صورة أمر إلهي بأخذ الطفل بعيداً، حيث قال له الملاك، وفق إنجيل متى “قم وخذ الصبي وأمه، واهرب الي مصر”.

فأخذهم علي الحمار وهو بجانبهم سيرا علي الاقدام في رحلة قاسية جدا فمروا علي سيناء أول الأمر ثم الفرما ببورسعيد وصولا لمحافظة الشرقية التي تقع في شرق الدلتا وتحديدا مدينة تل بسطة فبدأ مسار العائلة المقدسة بداخل المدينة والتي كانت تعرف باسم “بيربست” عاصمة مصر وكانت تعد مقراً ملكياً في الأسرة الثانية والعشرين ثم استولي الفرس عليها بعد الغزو الفارسي.

ويعد المكان يعد بمثابة متحف مفتوح يضم العديد من التماثيل علي راسها تمثال الإلهة باستت، الالهة القطة رمز الحنان والخصوبة فهي القطة المقدسة التي تقوم بالحماية أيضاً.

وعند وصول السيدة مريم العذراء وطفلها السيد المسيح، برفقة القديس يوسف النجار، لتلك المنطقة، شعروا بالأعياء الشديد فاستظلوا تحت شجرة وطلبوا مياه من بعض أهل المدينة الذين رفضوا لشعورهم بالخوف منهم، لعدم اعتيادهم علي رؤية أغراب بالمكان، عندها قام السيد المسيح برسم دائرة علي هيئة بئر علي الأرض، فتفجرت من البئر المياه العذبة المباركة. وكان البئر قد اختفي بفعل العوامل البيئية إلا أن البعثة المصرية قامت باكتشافه من جديد .

وفي تلك الأثناء، جاء اليهم مواطن من “تل بسطة” يدعى “كالوم”، رفق بهم وأخذهم لبيته ومنذ لحظة دخول العائلة المقدسة للبيت البسيط امتلأ المكان بالنور والبركة والسعادة حيث كانت زوجة كالوم مريضة جدا فمن آلله  عليها بالشفاء بيد السيد المسيح والمعروف أن من معجزاته، شفاء أمراض الناس ففرحت الأسرة البسيطة، واراد كالوم رد الجميل للعائلة فقرر اصطحابهم لمعبد الإلهة “باستت” وهو المركز الرئيسي للعبادة في المنطقة، حيث يوجد أيضاً تمثال ميريت آمون بنت الملك رمسيس الثاني وبنت الملكة نفرتاري.

لكن فرحة كالوم، انقلبت لحزن شديد، حيث تكسرت بعض التماثيل الحجرية بدخول العائلة المقدسة، مما أثار غضب الكهنة، وأرداوا إيذائهم فقام كالوم بتهريبهم من المعبد حيث مروا بالصحراء مرورا بمدينة بلبيس بمحافظة الشرقية.

وتعد “تل بسطة” أول مكان لإقامة العائلة المقدسة في مصر حيث اقاموا بها لأكثر من ثلاث ليالي، وجاءت بعثة الآثار المصرية لتكتشف بئر المياه، بل ووجدت بقايا التماثيل المنكسرة بقاع البئر وعند تحليلها بمعامل التحاليل المختصة وبواسطة الكربون المشع وجدوا أن تاريخها يرجع للقرن الميلادي الاول مما يعد دليلا قويا علي إقامة السيد المسيح بتل بسطة بمحافظة الشرقية.

كما أن المؤرخ اليوناني هيرودوت الملقب بـ “أبو التاريخ” صاحب مقولة مصر هبة النيل، تحدث في مؤرخاته عن رحلة العائلة المقدسة في مصر، بداية من سيناء والفرما ثم الإقامة في “تل بسطة”.

وبهذه المناسبة، تقام احتفالية مميزة كل عام بالمكان المبارك “تل بسطة” وسط أجواء الرهبة والفخر بالمكان المقدس تل بسطة.

اترك تعليقاً